
راجي سلطان الزهيري
جنوب العراق، تلك الأرض التي أنجبت على مر العصور رجالاً أثروا الحياة السياسية والفكرية والثقافية والفنية في العراق. فمنها خرج الوزراء والقادة السياسيون والشعراء والفنانون الذين أبدعوا وأسهموا في تشكيل الهوية العراقية. لم يكن الجنوب غائبًا عن المشهد الوطني بل كان حاضرًا دومًا مؤثرًا في الأحداث وداعمًا لقضايا العراق المصيرية .
لكن في السنوات الأخيرة أصبح الجنوب العراقي عرضة لحملة إعلامية تستهدف تشويهه عبر إنتاج مسلسلات وبرامج تصور أهله بطريقة سلبية مستخدمة لهجة جنوبية ومبالغًا فيها مع تقديم شخصيات كاريكاتيرية مشوهة يظهر الجنوبي في هذه الأعمال بصورة الجاهل أو الخارج عن القانون أو المتخلف مما يخلق صورة نمطية سلبية تُكرس في أذهان المشاهدين خصوصًا الأجيال الجديدة التي تتلقى الإعلام كوسيلة لفهم الواقع.
الأهداف الخفية لهذه الحملات
هذه الموجة الإعلامية ليست عبثية بل تقف وراءها جهات تسعى إلى تحقيق أهداف معينة منها:
1. تكريس الانقسام المجتمعي: تصوير الجنوب بصورة سلبية يخلق حاجزًا نفسيًا بين فئات المجتمع العراقي ويعمّق الفجوة بين أبناء الوطن الواحد.
2. إضعاف الهوية الثقافية الجنوبية: من خلال تشويه التراث الجنوبي ولهجته وعاداته يسعى البعض إلى التقليل من أهمية هذا المكون العراقي الأصيل.
3. إلهاء الناس عن القضايا الحقيقية: عندما يُنشغل الرأي العام بمثل هذه الأعمال يتراجع النقاش حول القضايا السياسية والاقتصادية الأكثر أهمية.
دور الفنانين والإعلاميين في الترويج للتشويه
للأسف يشارك بعض الفنانين في هذه الحملات مقابل المال فيبيعون ضمائرهم لصالح أجندات لا تخدم العراق بل تضر بوحدته بدلًا من تقديم أعمال فنية تُبرز الجمال الثقافي والاجتماعي للجنوب، يساهم هؤلاء في تشويه صورته مما يجعل المتلقي خاصة من خارج الجنوب يأخذ فكرة مغلوطة عنه.
مسؤولية وزارة الثقافة والإعلام
يتوجب على وزارة الثقافة والإعلام العراقية اتخاذ إجراءات صارمة لمنع عرض مثل هذه الأعمال، والعمل على دعم الإنتاج الفني الذي يعكس الصورة الحقيقية للمجتمع الجنوبي بتراثه الغني وحضارته العريقة وإسهاماته الوطنية. يمكن تحقيق ذلك من خلال:
1. مراجعة المحتوى الإعلامي قبل بثه والتأكد من أنه لا يتضمن إساءة لأي مكون عراقي.
2. تشجيع الأعمال التي تبرز الوجه المشرق للجنوب سواء من خلال إنتاج أفلام ومسلسلات أو دعم المهرجانات الثقافية التي تحتفي بإبداعاته.
3. محاسبة الجهات التي تروّج للتشويه سواء كانت شركات إنتاج أو قنوات فضائية تساهم في نشر هذه الصورة المشوهة.
الجنوب العراقي ليس مجرد لهجة أو صورة نمطية تُرسم في مسلسل هابط بل هو جزء أصيل من العراق بتاريخه وحضارته ورجالاته الذين ساهموا في بناء الوطن.
من الواجب على الإعلام العراقي أن يكون منصفًا ويبتعد عن التحيز والتشويه وأن يعمل على تعزيز الوحدة الوطنية بدلاً من بث الفُرقة والتمييز.